من كتب التراث .
جاء في كتاب (الأغاني) للأصفهاني:
وُلد بشار بن بُرد أعمى. وكان إذا أراد أن يُنْشِد شعراً يأتي بالعجب، فكان يُشَبِّه الأشياء بعضَها ببعض في شعره، فيأتي بما لا يقدِرُ البُصَرَاءُ أن يأتوا بمثله.
فقيل له يوماً وقد أنشد قوله :
كأنّ مثارَ النّقع فوق رءوسنا ... وأسيافَنا، ليلٌ تَهَاوَى كواكبُهْ
(ما قال أحدٌ أحسن من هذا التشبيه، فمن أين لك هذا ولم ترَ الدنيا قطّ ولا شيئاً فيها؟)
فقال: إن عدم النظر يُقَوِّي ذكاءَ القلب، ويقطع عنه الشغلَ بما يُنْظَرُ إليه من الأشياء فيتوفّر حِسُّه، وتذكو قريحتُه
،،،،،
وفي (قصص العرب) جاء:
عن "محمد بن الضحاك" أن "عبد الملك بن مروان" قال لـ "ابن رأس جالوت":
ما عندكم من الفراسة في الصبيان؟ فقال: ما عندنا فيهم شيء؛ لأنهم يُخلقون خلقاً بعد خلق، غير أنّا نرمقهم، فإنْ سمعنا منهم مَنْ يقول في لعبه: مَن يكون معي؟ رأيناه ذا همّة
وإن سمعناه يقول: مع مَنْ أكون؟ كرهناها منه.
،،،،
وذكر "ابن الجوزي" في كتابه (أخبار الأذكياء):
أنّ رجلاً من طلبة العلم قعد على جسر بغداد يتنزه، فأقبلتْ امرأة بارعة في الجمال من جهة الرصافة إلى الجانب الغربي، فاستقبلها شاب فقال لها: رحم الله "علي بن الجهم"
فقالتْ المرأة: رحم الله "أبا العلاء المعري"
وما وقفا بل سارا مشرقاً ومغرباً
قال الرجل: فتبعتُ المرأة وقلتُ: أخبريني عافاكِ الله عمّا أردتما
فضحكتْ وقالت: أراد بعلي بن الجهم قوله:
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جَلَبْنَ الهوى من حيث أدري ولا أدري
وعنيتُ أنا بأبي العلاء قوله:
فيا دارها بالخَيف إنّ مزارها ... قريبٌ ولكن دون ذلك أهوال
(وفي رواية أخرى: أيا دارها بالحَزن)
،،،،،
ومن الطرائف:
مات أحدهم وكان عليه دينٌ كثير، فقال بعض غرمائه لولده: لو بعتَ دارك ووفَيتَ بها دين والدك ..
فقال الولد: إذا أنا بعتُ داري وقضيتُ بها عن أبي دينه فهل يدخل الجنة ؟ فقالوا: لا
قال الولد: فدعه في النار وأنا في الدار !
ــــــــــــــ
+ مثار النقع: الغبار المتصاعد من المعارك ولونه أسود
+ رأس الجالوت: لفظة آرامية (ريش جالوتا) تعني رأس الجالية، وعنها أخذ العرب لفظة رأس الجالوت، هو اسم الحاكم على اليهود بعد خراب بيت المقدس
+ الغرماء: جمع غريم وهو الدائن والخصم
**************************************************