أَلا أَسعِديني بِالدُّموعِ السَواكِبِ = عَلى الوَجدِ مِن صَرمِ الحَبيبِ المُغاضِبِ
فَسُحّي دُموعاً هامِلاتٍ كَأَنَّها = لَها آمِرٌ بِالفَيضِ مِن تَحتِ حاجِبِ
أَلا وَاستَزيديها هَوىً وَتلَطُّفاً = وَقولي لَها في السِرِّ يا أُمَّ طالِبِ
لِماذا أَرَدتِ الصِرمَ مِنّي وَلَم أَكُن = لِعَهدِكُمُ بِيَ بالمَذوقِ المُوارِبِ ؟
وَإِن كانَ هَذا الصِرمُ مِنكِ تَدَلُلاً = فأَهلاً وَسَهلاً بِالدَلالِ المُخالِبِ
وَإِن كُنتِ قَد بُلِّغتِ يا فَوزُ باطِلاً = تُقوِّلَ عَنّي فَاِسمَعي ثُمَ عاتِبي
وَلا تَعجَلي بِالصِرمِ حَتّى تَبَيَّني = أَقَولَ مُحِقٍّ كانَ أَم قَولِ كاذِبِ ؟
كَأَنَّ جَميعَ الأَرضَ حَتّى أَراكُمُ = تَصَوَّرُ في عَيني سودَ العَقارِبِ
وَلَو زُرتُكُم في اليَومِ سَبعينَ مَرَّةً = لَكُنتُ كَذي فَرخٍ عَنِ الفَرخِ غَائِبِ
أَراني أَبيتُ اللَيلَ صاحِبَ عَبرَةٍ = مَشوقاً أُراعي مُنجِداتِ الكَواكِبِ
أُراقِبُ طولَ اللَيلِ حَتّى إِذا اِنقَضى = رَقَبتُ طُلوعَ الشَمسِ حَتّى المَغارِبِ
إِذا ما مَضى هَذانِ عَنّي بِلَذَّتي = فَما أَنا في الدُنيا لِعَيشٍ بِصاحِبِ
فَيا شُؤمَ جَدّي كَيفَ أَبكي تَلَهُّفاً = عَلى ما مَضى مِن وَصلِ بَيضاءَ كاعِبِ
رَأَت رَغبَةً مِنّي فَأَبدَت زَهادَةً = أَلا رُبَّ مَحرومٍ مِنَ الناسِ راغِبِ
أُريدُ لِأَدعو غَيرَها فَيَجُرَّني = لِساني إِلَيها بِاِسمِها كَالمُغالِبِ
يَظَلُّ لِساني يَشتَكي الشَوقَ وَالهَوى = وَقَلبي كَذي حَبسٍ لِقَتلٍ مُراقِبِ
كَأَنَّ بِقَلبي كُلَمّا هاجَ شَوقُهُ = حَراراتِ أَقباسٍ تَلوحُ لِراهِبِ
وَلَو كانَ قَلبي يَستَطيعُ تَكَلُّماً = لَحَدَّثَكُم عَنّي بِكُلِّ العَجائِبِ
كَتَبتُ فَأَكثَرتُ الكِتابَ إِلَيكُمُ = عَلى رَغبَةٍ حَتّى لَقَد مَلَّ كاتِبي
أَما تَتَّقين اللَه في قَتلِ عاشِقٍ = صَريعٍ نَحيلِ الجِسمِ كالخَيطِ ذائِبِ
فَأُقسِمُ لَو آبصَرتِني مُتَضَرِّعاً = أُقَلِّبُ طَرفي ناظِراً كُلَّ جانِبِ
وَحَولي مِنَ العوّادِ باكٍ وَمُشفِقٍ = أُباعِدُ أَهلي كُلَّهُم وَأَقارِبي
لَأَبكاكِ مِنّي ما تَرينَ تَوَجُّعًا = كَأَنَّكِ بي يا فَوزُ قَد قامَ نادِبي
لَقَد قالَ داعي الحُبِّ هَل مِن مُجاوِبٍ = فَأَقبَلتُ أَسعى قَبلَ كُلِّ مُجاوِبِ
فَما إِن لَهُ إِلا إِلَيَّ مَذاهِبٌ = تَكونُ وَلا إِلا إِلَيهِ مَذاهِبي
**************************************************