غَضِبَ الحبيبُ فهاجَ لي إستعبارُ
والله لي ممّا أُحاذِرُ وأجَارُ
كنّا نُغايظُ بالوِصال مَعاشراً
لهُمُ الغَداة َ بصَرمِنا اسْتِبشارُ
إذ لا أرى شكلاً يكونُ كَشِكلِنا
حُسناً ويَجمعُنا هُناك جِوارُ
وكأننا لمْ نجتمع في مجلسٍ
فِيه الغِناءُ ونَرجِسٌ وبَهارُ
مَا كان أشأْمَ مَجلِساً كنّا بهِ
تلك العَشييّة َ والعِدا حُضّار
ياأيها الرجلُ المعذّبُ قلبهُ
أقصِر فإنّ شِفاءكَ الإقصارُ
نزَفَ البُكاءُ دموعَ عينكَ فاستعر
عيناً لغيركَ دمعُها مِدرارُ
من ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تبكي بها ؟
أرأيتَ عيناً للبكائي تعارُ
الحُبُّ أوّلُ مَا يَكُونُ لجَاجة ً
تأتي به وتسوقه الأقدارُ
حتى إذا اقتحمَ الفتى لُجَجَ الهوى
جاءت أُمورٌ لا تُطاقُ كِبارُ
إذا نظرتَ إلى المُحبّ عرفتَهُ
وبدَت عليه مِن الهَوى آثارُ
قُل ما بدا لكَ أن تقول فربما
ساقَ البلاءَ إلى الفتى المِقدارُ
يا فوزُ هل لكِ أن تعودي إلى اللّذي
كُنّا عليهِ مُنذ نحنُ صغارُ
هل تذكرين بارِ بكرٍ لهْونا
ولنا بذاك مخافة ٌ وحِذارُ
مُتَطاعِمينِ بِريقِنا في خلوة ٍ
مثلَ الفراخِ تزُقّها الأطيارُ
أم تذكُرين لِدُلْجَتي متنكِّراً
وعليّ فروَا عاتقٍ وخِمارُ
فَوددتُ أنّ الليل دامَ وأنه
ذهبَ النهارُ فلا يكونُ نهارُ
أفَما لذلك حُرمة ٌ محفُوظَة ٌ
أُفٍ لمَن هُوَ قاطِعٌ غَدّارُ
سأُقِرُّ بالذّنبِ الذي لَمْ أجنِه
إن كان ينفعُ عندَكِ الإقرارُ
ما تأمرين فَدَتكِ نفسي في فتّى
ما تَلْتَقي لجُفونهِ أشفَارُ
قصيدة لعباس إبن الأحنف
**************************************************