الرؤية الواضحة هي طريق اﻻنطﻼق للفرد وللمجتمع, ولهذا أعتقد أن الشك والغموض هو أكبر قيد للبشرية, وحتى المجتمعات الغربية هي مقيدة وليست منطلقة ﻷنهم مليئون بالشكوك..
وعلى قدر سعة نطاق الشك على قدر اﻻنكماش, وحتى المتدينين في كل الديانات عندهم شكوك، بدليل وجود نقاط كثيرة يتجنبونها وﻻ يقدرون أن يدخلوها, فوجود مناطق تهرب يدل على وجود شكوك وعدم وضوح رؤية ..
ﻻحظ أن الملحد مثﻼً ﻻ يريدك أن تسأله (لماذا) فهذه نقطة تهرُّب عنده.. والناس يخافون من التشكيك، وهذا يدلك أن الشك يحبط ويقلل الطاقة. الشكوك تعمل عملها حتى بطريقة ﻻ تكون واعياً لها بكل لحظة, فهي تسبب فتوراً في الطاقة, وكلما يزداد وضوح الرؤية كلما تزداد القوة.
اﻹنسان رحلته طويلة في محاربة الشكوك, وحتى إن نجح في إسقاط شكوك ينشغل بإسقاط شكوك جديدة تظهر, حتى يصل إلى تطابق بين العقل والشعور.
الشك دائماً مصحوب بالخوف, والخوف يعني انسحاب, وهو يفسد السعادة، فﻼ سعادة إﻻ بأمن, فتجاهل الشكوك ليس حﻼً مع أنه أكثر الحلول استعماﻻً.
الفرق بين شكوك المؤمن وشكوك الملحد أن شكوك المؤمن كلما تبددت ذهب إلى اليقين والراحة, والملحد كلما تبددت شكوكه التي تؤيد الدين كلما ذهب إلى شك جديد وحيرة جديدة, إذن المؤمن هو اﻷولى بأن يسعى بمجال مواجهة الشكوك وﻻ يهرب منها, ﻷن النتائج مفيدة بالنسبة له, أما الملحد فليست مفيدة ﻷنها تخرجه على فضاء آخر يحتاج إلى إثبات, إذن دافع المؤمن للمعرفة أقوى من دافع الملحد, ﻷنه سيجني ثماراً, أما الملحد فسيجني فقط بلبلة جديدة.
والشك المتجاهَل من أسوأ اﻷشياء, فالشك المتجاهَل يختلف عن الشك المتعامَل, فالمتجاهَل كأنه عقدة أو منطقة محظور اﻻقتراب منها, فهو يضيِّق حياة اﻹنسان ويضيق عقله, ويدفعه للموقف العاطفي العنيف..
اﻷصل في الشك هو التعامل معه ومواجهته وليس الهروب منه, وهذه هي الفائدة من وجوده أصﻼً, مواجهة الشكوك هي طريق العلم ﻷن العلم يبدأ من الشك إلى اليقين..
وعموماً مهما اختبأت ستضربك الشكوك وتﻼحقك , ففكرة اﻻنغﻼق غير عملية أساساً, ﻷن اﻻنغﻼق ضعف، والضعيف قابل لﻺسقاط وقابل لشكوك أكبر..
الشكوك مثل عوامل التعرية ستسقط صاحبها إن لم يواجهها, فهي مثل المشاكل التي إن لم تواجهها فإنها ستواجهك.
**************************************************