يحب الأطفال الكلام مهما يكن كلامهم تافها فينبغي أن نشجعهم على التعبير عما يجول بخواطرهم وألا نمنعهم عن الاشتراك في أحاديثنا إذا رغبوا في ذلك، كيلا ندفعهم دفعا إلى حب العزلة والانطواء على النفس والي الإحساس أننا لا نهتم إلا بأنفسنا ومصالحنا الخاصة ولا نراعي شعور غيرنا من الناس وحاجاتهم.
حينما يعود الطفل من المدرسة أو يفرغ من اللعب مع رفاقه، يغلب أن تكون في نفسه مشكلات وتساؤلات وآراء يريد مناقشتها مع شخص يحس انه يستطيع أن يساعده. وقد يريد أن يناقش وحده هده المشكلات والآراء، وحينئذ يجب أن نحترم رغبته، فالطفل حين يخلو إلى نفسه يكون أكثر حرية وأصرح تفكيرا مما لو تحدث وسمع حديثه آخرون قد يخيل إليه أنهم يسخرون منه أو لا يمكن أن يشاركوه شعوره وعواطفه.
خلال أوقات تناول الطعام وكذلك اللحظات القليلة التي يجتمع فيها أفراد الأسرة ينبغي الاستفادة منها في تشجيع الطفل على الاشتراك فيما يجري من أحاديث، فمن الضروري أن تتيحي لطفلك وتهيئيه لمناقشة الشؤون المختلفة التي يتعرض لها مع تقدم الحياة به.
صحيح أن الأب والأم مسؤولان كلاهما عن توجيه أطفالهما ولكن هده المسؤولية تقع بالمقدار الأكبر على الأم.
تشجيع الطفل على الكلام والإفضاء بذات نفسه يتيح لوالديه أن يعرفا الكثير عنه مما لا يمكن أن يعرفاه بأي وسيلة أخرى، وهده بعض الأشياء التي يمكن لك أن تعرفيها عن طفلك من الإصغاء إليه وهو يتكلم :
· مدى صحة نطقه للكلمات ومدى فهمه لمعانيها، وبذلك تساعدين معلمه في المدرسة على تقويم لسانه وتعويده الكلام بطلاقة وحسن بيان
· كذلك تستطيعين من حديث طفلك معرفة آرائه في الناس وسلوكه نحوهم : هل هو كثير النقد أم متسامح – مشفق على الضعفاء والفقراء أم غير مشفق – يعني بالآخرين ويهتم بهم أم يركز على عنايته واهتمامه بنفسه
· من كلامه أيضا تتبينين الأشياء التي يحبها والتي يكرهها وتقفين على مصادر خوفه وقلقه، والأشياء التي تثير انتباهه والتي لا يثق بها. وبدلك يمكن لك أن تعاونيه في الوقت المناسب على اعتناق الأفكار الصحيحة ونبد الأوهام والنظريات الخاطئة
· يدلك كلام طفلك على شعوره نحو نفسه وعلى آماله ومثله العليا وهو يقدر إمكاناته ونواقصه تقديرا صحيحا أم يغلو فيها وبفضل اختباراتك الكثيرة في الحياة تستطيعين أن تعاونيه على أن يرى نفسه على حقيقتها فتضعين بدلك أساس نجاحه في الحياة
· يكشف حديث الطفل عن رأيه في الأخلاق والدين والجنس، فتعرفين هل معلوماته عنها صحيحة أم خاطئة وتعرفين كيف تخلصينه من الشوائب.
وهده بعض النواحي التي يتعلمها طفلك إذا شجعته على أن يتكلم معك بحرية:
· يتعلم شيئا فشيئا فن الجدال والنقاش المنطقيين فيفيده ذلك عندما يبلغ مرحلة المراهقة التي ينعقد فيها اللسان وتتشعب أمامه مسالك الحياة
· يتعلم كيف يصغي ومتى ينبغي أن يصغي وهده نقطة حيوية لمن يهمهم ألا يثقلوا على الناس وينفروهم
· يروض نفسه شيئا فشيئا على أن يتكلم عن الأشياء التي تهم الآخرين بدلا من الأشياء التي تهمه وحده
· تتاح له الفرصة لكي يصحح أفكاره ومعلوماته، فالتعبير عن الأفكار من أحسن الوسائل لتوضيحها والتعرف على مدى تمكن المرء منها
· يتعلم كيف يجتذب التفات الذين يصغون إليه بطريقته الخاصة في التعبير التي تتفق مع شخصيته فلا يعمد إلى تقليد الآخرين تقليدا أعمى
· يكتسب رزانة وثقة بالنفس، فيزايله الخوف عندما يتحدث إليه الناس.
وقد دلت الدراسات النفسية على أن معظم الدين يعوزهم الاتزان والثقة بالنفس نشأوا في بيوت لا تشجع الأطفال على الكلام.