.مجموعة اشعار رائعة لقيس بن الملوح
ألاَ يا نَسِيمَ الرِّيحِ حُكْمُكَ جائِرٌ
عليَّ إذا أرْضَيْتَني وَرَضِيتُ
ألاَ يا نَسيمَ الرِّيحِ لو أَنَّ واحِداً
من الناس يبليه الهوى لبليت
فلو خلط السم الزعاف بريقها
تَمَصَّصتُ مِنْهُ نَهْلَة ً وَرَوِيتُ
وقالوا لو تشاء سلوت عنها
فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ
وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي
كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَة ٍ دِلاءُ
لها حب تنشأ في فؤادي
فليس له-وإنْ زُجِرَ- انتِهاءُ
وعاذلة تقطعني ملاماً
وفي زجر العواذل لي بلاء
سأبكي على ما فات مني صبابة
وأندب أيام السرور الذواهب
وأمنع عيني أن تلذ بغيركم
وإنِّي وإنْ جَانَبْتُ غَيْرُ مُجانِبِ
وخير زمان كنت أرجو دنوه
رَمَتْنِي عُيُونُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
فأصبحت مرحوما ًوكنت محسداً
فصبراً على مكروهها والعواقب
ولم أرها إلا ثلاثاً على منى
وعَهْدِي بها عَذرَاءَ ذَاتَ ذَوَائِبِ
تبدت لنا كالشمس تحت غمامة
بَدَا حاجِبٌ مِنْها وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ
لو سيل أهل الهوى من بعد موتهم
هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صادِقُهُمْ أنْ قد بَلِي جَسَدي
لكن نار الهوى في القلب تلتهب
جفت مدامع عين الجسم حين بكى
وإن بالدمع عين الروح تنسكب
إليكَ عَنِّيَ إنِّي هائِمٌ وَصِبٌ
أمَا تَرَى الْجِسْمَ قد أودَى به الْعَطَبُ
لِلّه قلبِيَ ماذا قد أُتِيحَ له
حر الصبابة والأوجاع والوصب
ضاقت علي بلاد الله ما رحبت
ياللرجال فهل في الأرض مضطرب
البين يؤلمني والشوق يجرحني
والدار نازحة والشمل منشعب
كيف السَّبيلُ إلى ليلى وقد حُجِبَتْ
عَهْدي بها زَمَناً ما دُونَهَا حُجُبُ
شُغِفَ الفؤادُ بِجارة ِ الْجَنْبِ
فَظَللْتُ ذا أسَفٍ وذا كَرْبٍ
يا جارتي أمسيت مالكة
روحي وغالبة على لبي
عفا الله عن ليلى وإن سفكت دمي
فإني وإن لم تجزني غير عائب
عليها ولا مُبْدٍ لِلَيْلَى شِكايَة
وقد يشتكي المشكى إلى كل صاحب
يقولون تُبْ عن ذِكْرِ لَيْلى وحُبِّها
وما خَلْدِي عَنْ حُبِّ لَيْلَى بِتائِبِ
ومفرشة الخدين ورداُ مضرجا
إذا جَمَشَتْهُ الْعَيْنُ عاد بَنَفْسجَا
شَكَوْتُ إليها طُولَ لَيْلِي بِعِبْرة ٍ
فأبدت لنا بالغنج دراً مفلجا
فَقُلْتُ لها مُنِّي عَلَيَّ بِقُبْلَة
ٍ أداوي بها قلبي فقالت تغنجا
بُلِيتُ بِرِدْفٍ لَسْتُ أَسْطِيعُ حَمْلَهُ
يُجَاذِبُ أعْضَائِي إذا ما تَرَجْرَجَا
ألا يا غراب البين هيجت لوعتي
فَويْحَكَ خَبِّرْنِي بِمَا أنْتَ تَصْرُخُ
أبِالْبَيْنِ مِنْ لَيْلَى ؛ فإنْ كُنْتَ صَادِقاً
فَلا زَالَ عَظْمٌ مِنْ جَنَاحِكَ يُفْسَخُ
ولازال رام فيك فوق سهمه
فَلا أنْتَ في عُشٍّ وَلاَ أَنْتَ تُفْرِخُ
وَلاَ زِلْتَ عَنْ عَذْبِ الْمِيَاهِ مُنَفِّراً
وَوَكْرُكَ مَهْدُومَاً وبَيْضُكَ يُرْضَخُ
فإن طرت أردتك الحتوف وإن تقع
تقيض ثعبان بوجهك ينفخ
وعانيت قبل الموت لحمك مشدخا
عَلى حَرِّ جَمْرِ النَّارِ يُشْوَى وَيُطْبَخُ
وَلاَ زِلْتَ فِي شَرِّ الْعّذَابِ مُخَلِّدَاً
وريشك منتوف ولحمك يشرخ
بِنَفْسِيَ مَنْ لاَ بدَّ لِي أنْ أُهَاجِرَهْ
وَمَنْ أنَا فِي المَيسُورِ وَالْعُسْرِ ذَاكرُهْ
ومن قد رماه الناس بي فاتقاهم
بهجري إلا ما تجن ضمائره
فمنأ جلها ضاقت علي برحبها
بِلاَدِيَ إذْ لمْ أرْضَ عَمَّنْ أُجَاوِرُهْ
وَمِنْ أجْلِهَا أحْبَبْتُ مَنْ لاَ يُحِبُّنِي
وَباغَضْتُ مَنْ قَدْ كُنْتُ حِيناً أُعَاشرُهْ
أَتَهْجُرُ بَيْتاً لِلحَبِيب تَعَلَّقَتْ
بِه الْحِبُّ والأعداء أمْ أنْتَ زَائرُهْ
وكيف خلاصي من جوى الحب بعدما
يُسَرُّ بِهِ بَطْنُ الفُؤَادِ وَظَاهِرُهْ
وقد مات قبلى أول الحب فانقضى
فإن مِتُّ أضْحَى الْحُبُّ قد مَاتَ آخِرُهْ
وقد كانَ قَلْبِي في حِجَابٍ يَكُنُّهُ
فحبك من دون الحجاب يباشره
أصد حياء أن يلج بي الهوى
وفيكِ المُنَى لولا عَدُوُّ أُحاوِرُ
**************************************************