قصيدة ابن شرف (مُطل الليل
قصيدة ابن شرف (مُطل الليل)* وقد تنسب خطأ إلى والده أبي عبدالله بن شرف صاحب رسائل الانتقاد.
لما وفد أبو الفضل ابن شرف من برجة في زي تظهر عليه البداوة بالنسبة إلى أهل حضرة المملكة العظمى أنشده قصيدته الفائقة وهي:
مطل الليل بوعد الفلق ... وتشكّى النجم طول الأرق
ضربت ريح الصّبا مسك الدجى ... فاستفاد الروض طيب العبق
وألاح الفجر خدّاً خجلاً ... جال من رشح الندى في عرق
جاوز الليل إلى أنجمه ... فتساقطن سقوط الورق
واستفاض الصبح فيه فيضةً ... أيقن النجم لها بالغرق
فانجلى ذاك السنا عن حلكٍ ... وانمحى ذاك الدجى عن شفق
بأبي بعد الكرى طيفٌ سرى ... طارقاً عن سكنٍ لم يطرق
زارني والليل ناعٍ سدفه ... وهو مطلوبٌ بباقي الرّمق
ودموع الطّلّ تمريها الصّبا ... وجفون الروض غرقى الحدق
فتأنّى في إزارٍ ثابتٍ ... وتثنّى في وشاحٍ قلق
وتجلّى وجهه عن شعره ... فتجلى فلقٌ عن غسق
نهب الصبح دجى ليلته ... فحبا الخدّ ببعض الشفق
سلبت عيناه حدّي سيفه ... وتحلّى خدّه بالرونق
وامتطى من طرفه ذا خببٍ ... يلثم الغبراء إن لم يعنق
أشوس الطرف علته نخوةٌ ... يتهادى كالغزال الخرق
لو تمطّى بين أسراب المها ... نازعته في الحشا والعنق
حسرت دهمته عن غرّةٍ ... كشفت ظلماؤها عن يقق
لبست أعطافه ثوب الدجى ... وتحلّى خدّه باليقق
وانبرى تحسبه أجفل عن ... لسعةٍ أو جنةٍ أو أولق
مدركاً بالمهل ما لا ينتهي ... لاحقاً بالرّفق ما لم يلحق
ذو رضىً مستترٍ في غضبٍ ... ذو وقارٍ منطوٍ في خرق
وعلى خدٍّ كعضبٍ أبيضٍ ... أذنٌ مثل سنانٍ أزرق
كلّما نصّبها مستمعاً ... بدت الشهب إلى مسترق
حاذرت منه شبا خطّيّة ... لا يجيد الخطّ ما لم يمشق
كلّما شامت عذاري خدّه ... خفقت خفق فؤاد الفرق
في ذرا ظمآن فيه هيفٌ ... لم يدعه للقضيب المورق
يتلقّاني بكفٍّ مصقعٍ ... يقتفي شأو عذارٍ مفلق
إن يدر دورة طرفٍ يلتمح ... أو يجل جول لسانٍ ينطق
عصفت ريحٌ على أنبوبه ... وجرت أكعبه في زئبق
كلّما قلّبه باعد عن ... متن ملساء كمثل البرق
جمع السّرد قوى أزرارها ... فتآخذن بعهدٍ موثق
أوجبت في الحرب من وخز القنا ... فتوارت حلقاً في حلق
كلّما دارت بها أبصارها ... صوّرت منها مثال الحدق
زلّ عنه متن مصقول القوى ... يرتمي في مائها بالحرق
لو نضا وهو عليه ثوبه ... لتعرى عن شواظٍ محرق
أكهبٌ من هبواتٍ أخضرٌ ... من فرندٍ أحمرٌ من علق
وارتوت صفحاه حتى خلته ... بحيا منٍّ لكفّيك سقي
يا بني معنٍ لقد ظلّت بكم ... شجرٌ لولاكم لم تورق
لو سقي إحسان إحسانكم ... ما بكى ندمانه في جلّق
أو دنا الطائيّ من حيّكم ... ما حدا البرق لربع الأبرق
أبدعوا في الفضل حتى كلّفوا ... كاهل الأيّام ما لم يطق
فلما سمعها المعتصم لعبت بارتياحه، وحسده بعض من حضر، وكان من جملة من حسده ابن أخت غانم، فقال له: من أي البوادي أنت قال: أنا من الشرف في الدرجة العالية، وإن كانت البادية علي بادية، ولا أنكر حالي، ولا أعرف بخالي، فمات ابن أخت غانم خجلاً، وشمت به كل من حضر.
**************************************************